للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والراجح عندي: أن قراءة الفاتحة ركن في حق الإمام، والمأموم، والمنفرد في الصلاة السرية والجهرية، إلا المسبوق إذا أدرك الإمام راكعاً فإن قراءة الفاتحة تسقط عنه في هذه الحال، ويدل لذلك عموم قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب" (١) . وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج" (٢) – بمعنى فاسدة – وهذا عام، ويدل لذلك أيضاً حديث عبادة بن الصامت أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انصرف من صلاة الصبح فقال لأصحابه: "لعلكم تقرؤون خلف إمامكم؟ قالوا: نعم يا رسول الله، قال: "لا تفعلوا إلا بأم القرآن، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها" (٣) ، وهذا نص في الصلاة الجهرية.

وأما سقوطها عن المسبوق فدليله: حديث أبي بكرة رضي الله عنه أنه أدرك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ راكعاً، فأسرع وركع قبل أن يدخل في الصف، ثم دخل في الصف، فلما انصرف النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من صلاته سأل عمن فعل ذلك، فقال أبو بكرة: أنا يا رسول الله، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "زادك الله حرصاً ولا تعد" (٤) ، فلم يأمره النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بإعادة الركعة التي أسرع من أجل ألا تفوته، ولو كان ذلك واجباً عليه لأمره به النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،


(١) متفق عليه من حديث عبادة بن الصامت وتقدم تخريجه في ص٧٣.
(٢) رواه مسلم في الصلاة/ باب وجوب قراءة الفاتحة (٣٩٥) .
(٣) رواه الإمام أحمد ٥/٣١٦، وأبو داود في الصلاة/ باب من ترك القراءة في الصلاة (٨٢٣) ، والترمذي في الصلاة/ باب ما جاء في القراءة خلف الإمام، والحاكم ١/٢٣٨ – ٢٣٩ والدارقطني ١/١٢٠.
(٤) رواه البخاري وتقدم في ص٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>