للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلام جيد جداً ويدل عليه حديث ابن مسعود رضي الله عنه حينما ذكر أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علمهم التشهد، ثم قال بعد ذلك: "ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه" (١) . فأرشد النبي عليه الصلاة والسلام المصلي أن يدعو بعد التشهد مباشرة وقبل السلام.

وأما أن الذكر بعد السلام فلقول الله تعالى: (فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُم) . وعلى هذا فيكون ما بعد السلام ذكراً ويكون ما قبل السلام دعاءً هذا ما يقتضيه الحديث، وما يقتضيه القرآن، وكذلك المعنى يقتضيه أيضاً لأن المصلي بين يدي الله عز وجل فمادام في صلاته فإنه يناجي ربه كما أخبر بذلك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (٢) ، وإذا انصرف وسلم انصرف من ذلك فكيف نقول أجل الدعاء حتى تنصرف من مناجاة الله، المعقول يقتضي أن يكون الدعاء قبل أن تسلم ما دمت تناجي ربك تبارك وتعالى، وعلى هذا فيكون ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله وتلميذه ابن القيم، هو الصواب الذي دل عليه المنقول والمعقول، ولكن لا حرج أن الإنسان يدعو بعد الصلاة أحياناً، أما اتخاذ ذلك سنة راتبة كما يفعله بعض الناس كلما انصرف من السنة رفع يديه يدعو فإن هذا لا أعلم فيه سنة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.


(١) متفق عليه، وهذا لفظ البخاري وتقدم تخريجه ص٢٣٤.
(٢) حديث المناجاة رواه مالك في الموطأ في الصلاة باب ٧ – العمل في القراءة ١/٨٦ (٢٢٥) وتقدم لفظه في ص١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>