وقد اختار الجهر بذلك شيخ الإسلام ابن تيميه – رحمه الله – وجماعة من السلف، والخلف، لحديثي ابن عباس، والمغيرة – رضي الله عنهم – والجهر عام في كل ذكر مشروع بعد الصلاة سواء كان تهليلاً، أو تسبيحاً، أو تكبيراً، أو تحميداً لعموم حديث ابن عباس، ولم يرد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التفريق بين التهليل وغيره بل جاء في حديث ابن عباس أنهم يعرفون انقضاء صلاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالتكبير (١) ، وبهذا يعرف الرد على من قال لا جهر في التسبيح والتحميد والتكبير.
وأما من قال: إن الجهر بذلك بدعة فقد أخطأ فكيف يكون الشيء المعهود في عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بدعة؟! قال الشيخ سليمان بن سحمان رحمه الله:(ثبت ذلك عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من فعله وتقريره، وكان الصحابة يفعلون ذلك على عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد تعليمهم إياه، ويقرهم على ذلك فعلموه بتعليم الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إياهم، وعملوا وأقرهم على ذلك العمل بعد العلم به ولم ينكره عليهم) .
فنقول له: إن الذي أمر أن يذكر ربه في نفسه تضرعاً وخيفة هو الذي كان يجهر بالذكر خلف المكتوبة، فهل هذا المحتج أعلم بمراد الله من رسوله، أو يعتقد أن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلم المراد ولكن خالفه، ثم إن الآية في ذكر أول النهار وآخره (بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ)
(١) متفق عليه رواه البخاري في الموضع السابق ح (٨٤٢) ، ومسلم في المساجد باب ٢٣ – الذكر بعد الصلاة ١/٤١٠ ح١٢٠ (٥٨٣) .