للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن السنة الجهر بهذا الذكر بعد الصلاة، فقد ثبت عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: "كان رفع الصوت بالذكر حين ينصرف إذا سمعهم (١) ، وهذا دليل على أن السنة الجهر به، خلافاً لما كان عليه أكثر الناس اليوم من الإسرار به، وبعضهم يجهر بالتهليل دون التسبيح، والتحميد، والتكبير، ولا أعلم لهذا أصلاً من السنة في التفريق بين هذا وهذا، وإنما السنة الجهر.

وقول بعض الناس: إن الرسول عليه الصلاة والسلام جهر به من أجل أن يعلمه الناس فقط.

هذا مردود، وذلك لأن التعليم من النبي عليه الصلاة والسلام قد حصل بالقول كما قال للفقراء من المهاجرين: "تسبحون، وتحمدون، وتكبرون دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين" (٢) .

ثم إننا نقول: هب أن المقصود بذلك التعليم، فالتعليم كما يكون في أصل الدعاء، أو في أصل الذكر يكون أيضاً في صفته، فالرسول عليه الصلاة والسلام علمنا هذا الذكر أصله وصفته وهو: الجهر، وكون الرسول عليه الصلاة والسلام يداوم على ذلك يدل على أنه سنة، ولو كان من أجل التعليم فقط لكان النبي عليه الصلاة والسلام يقتصر على ما يكون به علم الناس ثم يمسك.

فالمهم أن القول الراجح: أنه يسن الذكر أدبار الصلوات على


(١) تقدم تخريجه ص٢٤٥.
(٢) متفق عليه، وتقدم تخريجه في ص٢٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>