للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى في قوله: (فَاذْكُرُوا اللَّهَ) واتباعاً لسنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وإذا كان في المسجد فإن الأفضل أن يجهر بهذا الذكر، كما ثبت ذلك في صحيح البخاري، من حديث ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: "كان رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة على عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" (١) فيسن للمصلين أن يرفعوا أصواتهم بهذا الذكر اقتداء بالرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لأنه كان يرفع صوته بذلك، كما قال ابن عباس: "ما كنا نعرف انقضاء صلاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا بالتكبير" (٢) .

وقول بعض أهل العلم: إنه يسن الإسرار بهذا الذكر، وإن جهر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان للتعليم، فيه نظر، فإن الأصل فيما فعله الرسول عليه الصلاة والسلام، أن يكون مشروعاً في أصله ووصفه، ومن المعلوم أنه لو لم يكن وصفه وهو رفع الصوت به مشروعاً، لكان يكفي ما علمه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمته فإنه قد علمهم هذا الذكر بقوله، فلا حاجة إلى أن يعلمهم برفع الصوت، ثم إنه لو كان المقصود التعليم لكان التعليم يحصل بمرة أو مرتين، ولا يحافظ عليه الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كلما سلم رفع صوته بالذكر، فالحاصل أن الجهر بالذكر بعد الصلاة سنة.


(١) متفق عليه من حديث ابن عباس وتقدم تخريجه في ص٢٤٥.
(٢) أخرجه البخاري في الأذان باب الذكر بعد الصلاة (٨٤٢) ، ومسلم في المساجد باب الذكر بعد الصلاة ١/٤١٠ ح١٢٠ (٥٨٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>