للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضرورة؛ لأن مثل هذه الحركة تبطل الصلاة، وما يبطل الصلاة فإنه لا يحل فعله؛ لأنه من باب اتخاذ آيات الله هزواً.

وأما الحركة المستحبة: فهي الحركة لفعل مستحب في الصلاة، كما لو تحرك من أجل استواء الصف، أو رأى فرجة أمامه في الصف المقدم فتقدم نحوها وهو في صلاته، أو تقلص الصف فتحرك لسد الخلل، أو ما أشبه ذلك من الحركات التي يحصل بها فعل مستحب في الصلاة؛ لأن ذلك من أجل إكمال الصلاة، ولهذا لما صلى ابن عباس رضي الله عنهما مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقام عن يساره أخذ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ برأسه من ورائه فجعله عن يمينه (١) .

وأما الحركة المباحة: فهي اليسيرة لحاجة، أو الكثيرة للضرورة، أما اليسيرة لحاجة فمثلها فعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين كان يصلي وهو حامل أمامه بنت زينت بنت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو جدها من أمها فإذا قام حملها، وإذا سجد وضعها (٢) .

وأما الحركة الكثيرة للضرورة: فمثل قوله تعالى: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ* فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) . فإن من يصلي وهو يمشي لا شك أن عمله كثير ولكنه لما كان للضرورة كان مباحاً لا يبطل الصلاة.

وأما الحركة المكروهة: فهي ما عدا ذلك وهو الأصل في


(١) متفق عليه، وتقدم تخريجه في ص٢٧.
(٢) رواه البخاري/ الصلاة/ باب: إذا حمل جارية (٥١٦) ومسلم/ المساجد/ بال جواز حمل الصبيان في الصلاة (٥٤٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>