هديت"، إلى آخره لم يرد في غير الوتر، ولم يرد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه كان يقنت به لا في الفجر ولا في غيرها، والقنوت به في الفجر لا أصل له من السنة، وأما القنوت في الفجر بغير هذا الدعاء فهو محل خلاف بين أهل العلم على قولين: أصوبهما أنه لا قنوت في الفجر إلا إذا كان هناك سبب يتعلق بالمسلمين عموماً، كما لو نزلت بهم نازلة غير الطاعون فإنهم يقنتون في الفرائض أن يرفع الله تعالى عنهم.
ومع ذلك لو أن إمامه يقنت في صلاة الفجر فإنه يتابعه على قنوته، ويؤمن على دعائه كما نص على ذلك الإمام أحمد - رحمه الله - لأن هذا من باب توحيد المسلمين وجمع كلمتهم.
وأما حدوث العدواة والبغضاء في مثل هذه الخلافات في أمر يسعه اجتهاد أمة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإنه لا ينبغي، بل الذي يجب وخصوصاً طالب العلم أن يكون صدره رحباً واسعاً، يسع الخلاف بينه وبين إخوانه، وخصوصاً إذا علم من إخوانه حسن القصد وسلامة الهدف وأنهم لا يريدون إلا الحق، وكانت المسألة مما تدخل في باب الاجتهاد؛ لأن اجتهادك المخالف له ليس أولى بالصواب من قوله المخالف لقولك؛ لأن القول بالاجتهاد وليس فيه نص، فكيف تنكر عليه الاجتهاد ولا تنكر على نفسك؟ فهل هذا إلا جور وعدوان في الحكم.