للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الثاني: أن يسرد الثلاث جميعاً بتشهد واحد، وهذا هو ظاهر حديث عائشة رضي الله عنها حيث قالت: (كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثاً) (١) . فظاهر قولها يصلي ثلاثاً أنه يسردها.

ولا يصلي الثلاث بتشهدين؛ لأنه لو فعل ذلك لكانت شبيهة بصلاة المغرب، وقد نهى أن تشبه صلاة الوتر بصلاة المغرب.

فإذا أوتر بخمس ففي حديث عائشة تقول: (يصلي أربعاً) فهل يسردها؟ فهم بعض الناس أن المعنى أنه يسردها، فصار يسرد اربعاً بسلام واحد وتشهد واحد، ثم يصلي أربعاً بتشهد واحد وسلام واحد، ثم يصلي ثلاثاً بتشهد واحد وسلام واحد.

وهذا وإن كان اللفظ محتملاً له، لكن ينبغي لطالب العلم أن يكون أفقه واسعاً، وأن يجمع بين أطراف الأدلة حتى لا تتناقض ولا تتنافى، فهذا الظاهر الذي هو كما قلنا يعارضه قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين سئل عن صلاة الليل قال: "مثنى مثنى" (٢) وعلى هذا فيحمل قولها يصلي اربعاً على أنه يصلي أربعاً بتسليمتين، لكنه يستريح بعد الأربع، ثم يستأنف الأربع الأخرى بدليل قولها: "يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي" وثم في اللغة العربية تفيد التراخي، وعلى هذا فيكون المعنى أنه يسلم من ركعتين، ثم من ركعتين، ثم يستريح، ثم يأتي بركعتين، ثم ركعتين، ثم يستريح،


(١) متفق عليه، وتقدم تخريجه ص١٢٠.
(٢) متفق عليه، وتقدم تخريجه ص١١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>