للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طلب منه الصحابة أن ينفلهم بقية الليل، وقد قطع الصلاة لنصف الليل فقالوا يا رسول الله لو نفلتنا بقية ليلتنا، فقال: "إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة" (١) ، ولكن هل الإمامان في مسجد واحد يعتبر كل واحد منهم مستقلاً، أو أن كل واحد منهما نائب عن الثاني؟

الذي يظهر الاحتمال الثاني – أن كل واحد منهما نائب عن الثاني مكمل له، وعلى هذا فإن كان المسجد يصلي فيه إمامان فإن هذين الإمامين يعتبران بمنزلة إمام واحد، فيبقى الإنسان حتى ينصرف الإمام الثاني، لأننا نعلم أن الثانية مكملة لصلاة الأول.

وعلى هذا فالذي أنصح به إخواني أن يتابعوا الأئمة هنا في الحرم حتى ينصرفوا نهائياً، وإن كان بعض الإخوة ينصرف إذا صلى إحدى عشرة ركعة، ويقول: إن هذا هو العدد الذي كان عليه الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ونحن معه في أن العدد الذي فعله الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واقتصر عليه هو الأفضل، ولا أحد يشك في هذا، ولكني أرى أنه لا مانع من الزيادة، لا على أساس الرغبة عن العدد الذي اختاره النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولكن على أساس أن هذا من الخير الذي وسع فيه الشرع، حيث سئل صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن صلاة الليل فقال: "مثنى مثنى، فإذا خشيء أحدكم الصبح صلى واحدة فأوترت له ما قد صلى" (٢) .

وإذا كان هذا الأمر مما يسوغ فيه الزيادة فإن الأولى بالإنسان أن لا يخرج عن الجماعة بل يتابع، فالصحابة – رضي الله عنهم – لما


(١) تقدم تخريجه ص١٩٠.
(٢) متفق عليه وتقدم تخريجه ص١١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>