للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صالحة" فإن السنة الصالحة كما قال أهل العلم في العمل الصالح: هو ما جمع شرطين: الإخلاص لله تعالى، والمتابعة لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وعلى هذا فإن السنة في الإسلام إذا لم يكن متبعاً فيها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فليست صالحة، فلا تكون حسنة، وإن استحسنها من سنها، وقد صح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" (١) أي مردود على صاحبه غير مقبول، فلا يكون فيه أجر، وصح عنه أنه كان يقول في الخطبة: "خير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة" (٢) ، رواه مسلم وللنسائي: "وكل ضلالة في النار" (٣) .

ولا يمكن أن يراد بقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من سن سنة حسنة": السنة التي أحدثها سانها واستحسنها ولم ترد بها سنة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وذلك لوجهين:

أحدهما: أن هذا ينافي قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" (٤) وتحذيره من البدع؛ بل هو مناف للرواية الثانية للحديث نفسه، وهي ثالث الروايات التي سقناها عن مسلم حيث قيد السنة بالصالحة، ولا يمكن أن تكون صالحة إلا حيث كانت فيها المتابعة لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والسنة التي أحدثها سانها ليست من أمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلا تكون صالحة، ولا مقبولة، ولا مأجوراً عليها سانها.

الثاني: انتشار معنى السنة الحسنة، وعدم انضباطه بضابط


(١) متفق عليه وتقدم تخريجه ص١٩٦.
(٢) رواه مسلم في الجمعة باب: تخفيف الصلاة والخطبة ح٤٣ (٨٦٧) .
(٣) رواه النسائي في العيدين باب: كيف الخطبة ح١٥٧٧.
(٤) تقدم تخريجه ص١٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>