الجواز فيها نظر حيث استند في ذلك إلى أنه كان ممنوعًا ثم أجيز؛ لأن من شروط النسخ تعذر إمكان الجمع بين النصين، والعلم بتأخر الناسخ، وأما مع إمكان الجمع فلا تقبل دعوى النسخ؛ لأن الجمع يكون فيه العمل بالدليلين, والنسخ يكون فيه إبطال أحد الدليلين, ثم إن طريق العلم بالمتأخر ليس الاستنتاج والتخمين، بل النقل المجرد هو الطريق إلى العلم بالمتأخر ثم إن قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«إن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه صورة» خبر والخبر لا يدخله النسخ إلا إذا أريد به الإنشاء, وليس هذا مما أريد به الإنشاء. نعم الخبر يدخله التخصيص فينظر هل هذا الحديث مخصص بالصور التي ذكرها؟ هذا محل خلاف بين أهل العلم، فمنهم من يرى أن هذا الحديث مخصص بقوله:«إلا رقمًا في ثوب» وبحديث عائشة رضي الله عنها في الستر الذي فيه تمثال طائر وقد ذكر الشيخ..... أن حديث " «إلا رقمًا في ثوب» رواه الخمسة, وقد رواه البخاري ومسلم أيضًا ومن العلماء من يرى أن هذا الترخيص في الرقم في الثوب وتمثال الطائر كان في أول الأمر ثم نهي عنه على العكس من قول الشيخ ...
والذي يظهر لي أن الجمع ممكن وهو أن يحمل قوله:«إلا رقمًا في ثوب» على ما ورد حله مما يتكأ عليه ويمتهن, فيكون الرقم في الثوب المراد به ما كان في مخدة ونحوها؛ لأنه الذي ورد حله, وأن زيد بن خالد ألحق به الستر ونحوه وهو إلحاق غير صحيح؛ لأن حديث عائشة رضي الله عنها في السهوة صريح في المنع منه؛ حيث هتكه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وتلون من أجله وجهه.
وأما حديث مسلم في تمثال الطائر فيحمل على أنه تمثال لا رأس فيه وعلى أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كرهه لا من أجل أنه صورة ولكن