وَأَسْلِحَتَهُمْ) (النساء: من الآية١٠٢) . فأوجب عليهم صلاة الجماعة مع أنهم في مواجهة العدو, فما بالك فيمن هم مرابطون غير مواجهين. وأما القصر فإنهم يصلون قصراً؛ لأنهم مسافرون لم يقيموا بمكانهم بنية الإقامة الدائمة, وإنما أقاموا لحاجة متى انتهت رجعوا قد صح عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه أقام في مكة عام الفتح تسعة عشر يوماً يصلي ركعتين. وأقام ابن عمر – رضي الله عنهما – بأذربيجان ستة أشهر يقصر الصلاة, قد حبسه الثلج. ورواه البيهقي بسند قال فيه النووي إنه شرط الصحيحين, وروى البيهقي أيضاً عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – أن أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم أقاموا برامهرمز تسعة أشهر يقصرون الصلاة, قال النووي: إسناده صحيح, وكذلك صححه الحافظ ابن حجر – رحمه الله -. وهذا القول هو الصحيح الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيميه وتلميذه ابن القيم والشيخ عبد الله ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب, والشيخ محمد رشيد رضا, وشيخنا عبد الرحمن الناصر سعدي.
والمسألة فيها خلاف بين العلماء فيما إذا عزموا على إقامة أكثر من أربعة, فلا يكن بينهم – أي بين المرابطين – اختلاف من أجل القصر أو الإتمام؛ لأنه لا حرج في هذا ولا هذا فإن قصروا فعلى خير, وهذا أقرب إلى السنة, وإن أتوا فلا حرج, وقد بسطنا هذه المسألة في رسالة مستقلة (١) .