الحاجة في مدة يسيرة أو طويلة, وهذا هو الصواب, ولكنهم شرطوا فيه شرطاً لا دليل عليه من كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا عمل الصحابة, فقالوا: شرط ذلك احتمال انقضاء حاجته في المدة التي لا تقطع حكم السفر, وهي ما دون الأربعة أيام, فيقال: من أين لكم بمكة وتبوك لم يقل لهم شيئاً, ولم يبين لهم أنه لم يعزم على إقامة أكثر من أربعة أيام, وهو يعلم أنهم يقتدون به في صلاته ويتأسون به في قصرها في مدة إقامته, فلم يقل لهم حرفاً واحداً لا تقصروا فوق إقامة أربع ليال, وبيان هذا من أهم المهمات, وكذلك اقتدى الصحابة به بعده, ولم يقولوا لمن صلى معهم شيئاً من ذلك. انتهى كلامه – رحمه الله -. الحال الثانية: أن يحدد مدة معينة في إقامته للحاجة التي ينتظرها حال القادمين إلى مكة للحج أو العمرة أو لبلد يشترون منه تجارة أو يبيعونها ثم يرجعون إلى أوطانهم, أو للدراسة متى انتهت عادوا إلى أوطانهم, ونحو ذلك فقد اختلف أهل العلم – رحمهم الله تعالى – في حكم هذا هل يترخص برخص السفر سواء طالت مدة إقامته أم قصرت, أو لا يترخص إلا في مدة محدودة, وذكر النووي في ذلك أكثر من عشرة أقوال, وهي ما شيخ الإسلام ابن تيميه – رحمه الله – تقديرات متقابلة. والراجح عندي أنه يترخص برخص السفر؛ لأنه مسافر حقيقة ما لم ينو استيطاناً أو إقامة مطلقة غير مقيدة بزمن ولا حاجة