بين الظهر والعصر, وبين المغرب والعشاء في المدينة من غير خوف ولا مطر, فسئل عن ذلك, فقال: أراد أن لا يحرج أمته (١) .
وقد وقع المطر الذي فيه المشقة في عهد النبي صلي الله عليه وسلم ولم يجمع فيه بين العصر والجمعة كما في صحيح البخاري وغيره عن أنس بن مالك أن النبي صلي الله عليه وسلم استسقى يوم الجمعة وهو على المنبر, وفما نزل من المنبر إلا والمطر يتحادر من لحيته, ومثل هذا لا يقع إلا من مطر كثير يبيح الجمع لو كان جائزاً بين العصر والجمعة, قال: وفي الجمعة الأخرى دخل رجل فقال: يا رسول الله! غرق المال, وتهدم البناء, فادع الله يمسكها عنا (٢) ,ومثل هذا يوجب أن يكون في الطرقات وحل يبيح الجمع لو كان جائزاً بين العصر والجمعة. فإن قال قائل: ما الدليل على منع جمع العصر والجمعة؟
فالجواب: أن هذا السؤال غير وارد؛ لأن الأصل في العبادات المنع إلا بدليل, فلا يطالب من منع التعبد لله تعالى بشيء من الأعمال الظاهرة أو الباطنة, وإنما يطالب بذلك من تعبد به لقوله تعالى منكراً على من تعبدوا الله بلا شرع:(أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّه) .وقال الله تعالى:(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً) وقال النبي صلي الله عليه وسلم (من عمل عملاً ليس فيه أمرنا فهو رد) . وعلى هذا:
فإذا قال قائل: ما الدليل على منع جمع العصر مع الجمعة؟ قلنا: ما الدليل على جوازه, فإن الأصل وجوب فعل صلاة العصر