الفتح ص ٧٦٥ ج ٢ ط السلفية عن حديث أنس الأول:«وهو أصح حديث ورد في بيان ذلك وأصرحه» .
قلت: ولا يصح حمله على أن المراد به المسافة التي يبتدىء منها القصر لا غاية السفر؛ لأن أنس بن مالك رضي الله عنه أجاب به من سأله عن خروجه من البصرة إلى الكوفة أيقصر الصلاة، وأيضاً فقد نقل في الفتح عن ابن المنذر إجماع أهل العلم على أن لمريد السفر أن يقصر إذا خرج عن جميع بيوت قريته، يعني وإن لم يتجاوز ثلاثة أميال أو فراسخ.
وقد أقام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بتبوك عشرين يوماً يقصر الصلاة ولم يكن ذلك تحديداً منه، فلما لم يحدد ذلك لأمته علم أنه ليس فيه تحديد، وأن المسافر مادام لم يعزم على الإقامة المطلقة فإن حكم السفر في حقه باق.
وقد كتبنا في ذلك أجوبة مبسوطة ومختصرة لأسئلة متعددة اخترنا أن نبعث لكم صورة من المتوسط منها نسأل الله أن ينفع بها.
ج ٢ وأما من انتقلت وظيفته إلى بلد فانتقل إليها مطمئناً بذلك فإن البلد الثاني هو محل إقامته؛ لأن الأصل بقاء وظيفته وعدم نقله مرة أخرى، وأما إذا لم يطمئن وإنما حدد عمله وإقامته في البلد المنقول إليه، أو كان ذلك لم يحدد ولكن هو يطالب برده إلى وطنه الأول وهو عازم على الرجوع إليه ولو أدى ذلك إلى استقالته فإنه حينئذ مسافر على ما نراه.