للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النكاح، فإن حاجة الإنسان إلى النكاح قد تكون مثل حاجته إلى الطعام والشراب، ولهذا يجب على الإنسان إذا كان له أولاد يحتاجون للنكاح وهو غني أن يزوجهم، كما يجب أن ينفق بالطعام والشراب واللباس والمسكن، فإن لم يفعل وقدروا على أخذ شيء من ماله ولو خفية، ليتزوجوا به فلهم ذلك، كما أذن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لهند بنت عتبة، حين شكت إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زوجها الذي لا يعطيها ما يكفيها وولدها، قال: «خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف» .

فإذا كان النكاح من أعظم حوائج الإنسان، فإنه يسن أن تتقدم هذه الخطبة عند عقد النكاح، ولكن ليست شرطاً، فلو أن رجلاً أراد أن يزوج ابنته، وأتى بشاهدين، وقال للخاطب: زوجتك بنتي فلانة، قال: قبلت، بدون خطبة. لكان جائزاً؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم زوج الرجل الذي طلب منه أن يزوجه المرأة التي وهبت نفسها له صلى الله عليه وعلى آله وسلم، بدون أن تتقدم الخطبة.

وفي هذه القصة أن امرأة جاءت للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقالت: يا رسول الله وهبت نفسي لك، فصعَّد فيها النظر وصوَّبه، ولكنه لم يردها، إلا أنه لحسن خلقه لم يقل لا أريدك وإنما سكت، فقام رجل فقال: يا رسول الله، إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها، وهذا من كمال الأدب في الصحابة، فإن

<<  <  ج: ص:  >  >>