للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"اللهم إني آمنت بك وبرسولك فاغفر لي"؛ وهذا لا بأس به؛ وقد ذكره الله -تعالى- في القرآن الكريم في قوله: {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ} ، ولأن الإيمان بالرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وسيلة شرعية لمغفرة الذنوب، وتكفير السيئات؛ فهو قد توسل بوسيلة ثابتة شرعًا.

الثاني: أن يتوسل بدعائه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أي بأن يدعو للمشفوع له؛ وهذا أيضًا جائز وثابت لكنه لا يمكن أن يكون إلا في حياة الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ وقد ثبت عن عمر -رضي الله عنه- أنه قال: "اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا " وأمر العباس أن يقوم فيدعو الله -سبحانه وتعالى- بالسقيا؛ فالتوسل في حياة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بدعائه جائز، ولا بأس به.

الثالث: أن يتوسل بجاه الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سواء في حياته، أو بعد مماته: فهذا توسل بدعي لا يجوز؛ وذلك لأن جاه الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا ينتفع به إلا الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ وعلى هذا فلا يجوز للإنسان أن يقول: اللهم إني أسألك بجاه نبيك أن تغفر لي أو ترزقني الشيء الفلاني؛ لأن الوسيلة لا بد أن تكون وسيلة؛ والوسيلة مأخوذة من الوسل بمعنى الوصول إلى الشيء؛ فلا بد أن تكون هذه الوسيلة موصلة إلى الشيء وإذا لم تكن موصلة إليه فإن التوسل بها غير مجد، ولا نافع؛ وعلى هذا فنقول: التوسل بالرسول عليه الصلاة والسلام ثلاثة أقسام:

<<  <  ج: ص:  >  >>