وتأمل يا أخ ( ... ) ما تفيده كلمة «افزعوا» فإنها والمثل لا يدل على المساواة من كل وجه كما لو قيل لأهل البلد افزعوا إلى الملاجىء، أو إلى السلاح عند سماع صفارات الإنذار.
وهذا يدل على أنه لابد أن نشعر بالخوف حتى يتحقق الفزع، إذ لا يمكن فزع بدون خوف، وعلى هذا فتكون الدعوة إلى عدم الخوف عند الكسوف من المحادة لله تعالى ورسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ هي دعوة إلى خلاف ما دعا الله تعالى ورسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إليه، فإن صدرت من جاهل بما جاء به الشرع في هذا الأمر، فإنه لا يسعه إذا علم إلا أن يرجع عن قوله الخاطىء، ويدعو لما يقتضيه الشرع، وإن صدرت من عالم بما جاء به الشرع كان الأمر خطيراً في حقه؛ لأنه يتضمن تكذيب ما جاء به الشرع. فعليه أن يتوب من ذلك توبة نصوحاً يمتلىء بها قلبه إيماناً بما جاء به الشرع، وتصديقاً وإذعاناً، وقبولاً، ويحقق ذلك بدعوته لما يقتضيه الكتاب والسنة في هذه الأمور وغيرها.
وقولكم:«لوجود بعض الاعتقادات الخاطئة حول ظاهرة الكسوف» أرجو أن يكون مقصودكم الاعتقادات الجاهلية التي أبطلها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهي أن الكسوف يكون لموت عظيم، وأن لا يكون مقصودكم اعتقاد تخويف الله لعباده بذلك. فإن هذا الاعتقاد حق وواجب على كل مؤمن بالله تعالى ورسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لثبوت الأخبار به عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ومن شك فيه، أو أنكره، أو دعا