للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهل يقبل منه ذلك؟

فأجاب فضيلته بقوله: هذه المسألة صدر فيها فتوى من هيئة كبار العلماء بأنها جائزة، أما أنا فلا أرى الجواز، وذلك لأن أعضاء الإنسان عنده أمانة وقد نص فقهاء الحنابلة رحمهم الله أنه لا يجوز التبرع بعضو من الأعضاء ولو أوصى به الميت من بعد موته، وإن كان بعض الأعضاء قد يكون النجاح فيها (٠٩) أو أكثر من ذلك لكن المفسدة في نزعها من الأول محققة حتى في الكلى، قد يقوم البدن على كلية واحدة، لكن لا شك أن قيامه على واحدة ليس كقيامه على ثنتين؛ لأن الله لم يخلق شيئاً عبثاً. ثم هذه الواحدة لو فسدت هلك الإنسان، ولو كانت الكلية المنزوعة موجودة فيه وفسدت الباقية لم يهلك.

فلهذا أنا أرى عدم الجواز بخلاف نقل الدم، لأن نقل الدم يخلفه دم آخر ولا يتضرر به المنقول منه ولا يفقد به عضو.

ومع ذلك فإني أرى أن مَنْ أخذَ بقول الجماعة فلا حرج عليه؛ لأن المسألة مسألة اجتهاد، ومسائل الاجتهاد لا إلزام فيها، لكن نظراً لأنه لا يحل لي كتمان العلم الذي أعلمه من شريعة الله بينته هنا، وإلا لكان يسعني أن أقول قد صدر بها فتوى فمن أرادها فليرجع إليها، لكن نظراً إلى أن العلم أمانة، وأن الإنسان لا يدري ما يواجه به الله عز وجل فإنه لابد أن أبين ما عندي، وأسأل الله تعالى أن يهدينا وإياكم لما اختلف فيه من الحق بإذنه.

وأنقل لكم كلام الفقهاء السابقين كما في الإقناع (وهو كتاب مشهور عند فقهاء الحنابلة) ، قالوا: لا يجوز أبداً أن ينقل عضو من

<<  <  ج: ص:  >  >>