هم المهاجرون والأنصار، والذين جاؤوا من بعدهم: التابعون فمن بعدهم إلى يوم القيامة، وثبت عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه أغمض أبا سلمة رضي الله عنه بعد موته وقال:"اللهم اغفر لأبي سلمة، وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه، وافسح له في قبره، ونور له فيه". وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي على أموات المسلمين ويدعو لهم، ويزور المقابر ويدعو لأهلها، واتبعته أمته في ذلك، حتى صار هذا من الأمور المعلومة بالضرورة من دين الإسلام، وصح عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال:"ما من رجل مسلم يموت، فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً، إلا شفَّعهم الله فيه".
وهذا لا يعارض قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له"، رواه مسلم، لأن المراد به عمل الإنسان نفسه لا عمل غيره له، وإنما جعل دعاء الولد الصالح من عمله؛ لأن الولد من كسبه حيث أنه هو السبب في إيجاده، فكأن دعاءه لوالده دعاء من الوالد نفسه. بخلاف دعاء غير الولد لأخيه فإنه ليس من عمله وإن كان ينتفع به، فالاستثناء الذي في الحديث من انقطاع عمل الميت نفسه لا عمل غيره له، ولهذا لم يقل:"انقطع العمل له" بل قال: "انقطع عمله". وبينهما فرق بيّن.