حديث أبي هريرة رضي الله عنه. ففي هذا الحديث دليل على جواز الصدقة على الميت مطلقاً وأن له بذلك أجراً سواء كانت الصدقة جارية أم منقطعة.
ولعل الذين توهموا أن الميت لا ينفعه إلا الصدقة الجارية فهموا ذلك من قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له"، رواه مسلم، وليس في هذا الحديث دلالة على ما توهموه فإن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:"انقطع عمله" ولم يقل: (انقطع العمل له) ، ثم إن هذا الحديث الذي استند إليه هؤلاء فيما فهموا منه ليس على عمومه بالنص والإجماع إذ لو كان على عمومه لكان الميت لا ينتفع بغير دعاء ولده له، وقد دل الكتاب والسنة والإجماع على انتفاع الميت بدعاء غير ولده له، قال الله تعالى:{وَالَّذِينَ جَآءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإَيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِى قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَءَامَنُواْ رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ} والذين سبقوهم بالإيمان في هذه الآيات هم المهاجرون والأنصار، والذين جاؤوا من بعدهم شامل لمن بعدهم إلى يوم القيامة فهم يدعون بالمغفرة لهم وإن لم يكونوا من أولادهم وينفعهم ذلك، وثبت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه أغمض أبا سلمة رضي الله عنه حين مات وقال: "اللهم اغفر لأبي سلمة، وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه، وافسح له