قال: وكان أصحابه خير القرون، وهم أعلم الأمة بسنته، وأطوع الأمة لأمره.
قلت: وأقواهم في تعظيمه ومحبته، وكانوا إذا دخلوا إلى مسجده لا يذهب أحد منهم إلى قبره، لا من داخل الحجرة ولا من خارجها، وكانت الحجرة في زمانهم يُدخَلُ إليها من الباب إلى أن بُني الحائط الا?خر، وهم مع ذلك التمكن من الوصول إلى قبره لا يدخلون إليه، لا لسلام، ولا لصلاة عليه، ولا لدعاء لأنفسهم، ولا لسؤال عن حديث أو علم!
ولم يكن أحد من الصحابة رضوان الله عليهم يأتيه ويسأله عن بعض ما تنازعوا فيه، كما أنهم أيضاً لم يطمع الشيطان فيهم فيقولُ: اطلبوا منه أن يأتي لكم بالمطر، ولا أن يستنصر لكم، ولا أن يستغفر كما كانوا في حياته يطلبون منه أن يستسقي لهم، وأن يستنصر لهم.
قال: وكان الصحابة إذا أراد أحدٌ أن يدعو لنفسه، استقبل القبلة ودعا في مسجده كما كانوا يفعلون في حياته، لا يقصدون الدعاء عند الحجرة، ولا يدخل أحدهم إلى القبر.
قال: وكانوا يقدمون من الأسفار للاجتماع بالخلفاء الراشدين وغير ذلك، فيصلون في مسجده، ويسلمون عليه في الصلاة، وعند دخولهم المسجد والخروج منه، ولا يأتون القبر؛ إذ كان هذا عندهم مما لم يأمرهم به. ولكن ابن عمر كان يأتيه فيسلم عليه وعلى صاحبيه عند قدومه من السفر، وقد يكون فعله غير ابن عمر أيضاً، ولم يكن جمهور الصحابة يفعلون كما فعل ابن عمر