النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى كان الصحابة رضي الله عنهم يعدون الاجتماع عند أهل الميت وصنع الطعام من النياحة، والنياحة كما هو معروف من كبائر الذنوب، لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعن النائحة والمستمعة وقال:"النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران، ودرع من جرب". نسأل الله العافية.
فنصيحتي لإخواني المسلمين أن يتركوا هذه الأمور المحدثة، فإن ذلك أولى بهم عند الله، وهو أولى بالنسبة للميت أيضاً، لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخبر: أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه، وبنياحة أهله عليه، ومعنى "يعذب" أي: يتألم من هذا البكاء وهذه النياحة، وإن كان لا يعاقب عقوبة الفاعل، لأن الله تعالى يقول:{وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لاَ يُحْمَلْ مِنْهُ شَىْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُواْ الصلاةَ وَمَن تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ} ولا يلزم من العذاب أن يكون عقوبة ألا ترى إلى قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "السفر قطعة من العذاب" وليس السفر عقوبة بل إن الألم والهم وما أشبه ذلك يعد عذاباً، ومن كلمات الناس العابرة يقول:"عذبني ضميري" إذا اعتراه الهم والغم الشديد، والحاصل أنني أنصح إخواني عن مثل هذه العادات التي لا تزيدهم من الله إلا بعداً، ولا تزيد موتاهم إلا عذاباً.