أما المسائل العلمية: فإنه ذكر أنه يفقه تلامذته على مذهب الإمام أبي حنيفة، ولا ريب أن مذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله أحد المذاهب الأربعة المتبوعة المشهورة، ولكن ليعلم أن هذه المذاهب الأربعة لا ينحصر الحق فيها، بل الحق قد يكون في غيرها، فإن إجماعهم على حكم مسألة من المسائل ليس إجماعا للأمة، والأئمة أنفسهم رحمهم الله ما جعلهم الله أئمة لعباده إلا حيث كانوا أهلا للإمامة، حيث عرفوا قدر أنفسهم، وعلموا أنه لا طاعة لهم إلا فيما كان موافقا لطاعة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وكانوا يحذرون عن تقليدهم إلا فيما وافق السنة، ولا ريب أن مذهب الإمام أبي حنيفة ومذهب الإمام أحمد ومذهب الإمام الشافعي ومذهب الإمام مالك وغيرهم من أهل العلم، أنها قابلة لأن تكون خطأ وصوابا، فإن كل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وعلى هذا فإنه لا حرج عليه أن يفقه تلامذته على مذهب الإمام أبي حنيفة، بشرط إذا تبين له الدليل بخلافه تبع الدليل وتركه، ووضح لطلبته أن هذا هو الحق، وأن هذا هو الواجب عليهم.
أما فيما يتعلق بمسألة الصوفية وغنائهم ومديحهم وضربهم بالدف، والتغبير التي يضربون الفراش ونحوه بالسوط، فما كان أكثر غبارا فهو أشد صدقا في الطلب، وما أشبه ذلك مما يفعلونه، فإن هذا من البدع المحرمة التي يجب عليه أن يقلع عنها، وأن ينهى أصحابه عنها، وذلك لأن خير القرون، وهم القرن الذين بعث فيهم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يتعبدوا لله بهذا التعبد؛ ولأن هذا التعبد لا يورث القلب إنابة إلى الله ولا انكسارا لديه، ولا خشوعا لديه، وإنما يورث انفعالات نفسية يتأثر بها