سيكون بالنفي، أي أنك لا ترضى إلا على إغماض، فإذا كان كذلك فكيف ترضى أن يكون نصيب زكاتك من الشقر بدلاً عن البرحي أو السكري مع ظهور الفرق الكبير بينهما رغبة وقيمة. والحديث ظاهر فيما يطابق الآية، لأنه أضاف الكرائم إلى أموالهم فكريم كل مال بحسبه.
والمقصود من تحذير النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ معاذاً بقوله:«إياك وكرائم أموالهم» أن يأخذ الجيد من المال عن الوسط أو الرديء منه؛ لأن ذلك ظلم لصاحب المال، ولهذا أردفه بقوله:«واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب» كما أن أخذ الوسط أو الردىء عن الجيد ظلم لأهل الزكاة، والعدل أن يؤخذ عن الجيد جيد، وعن الوسط وسط، وعن الردىء منه، فإذا أخذنا عن الكريم كريماً فهذا هو العدل المأمور به في قوله تعالى:{إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى" أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً} وقوله: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإْحْسَانِ وَإِيتَآءِ ذِى الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْى يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} .
وإني أضرب لك مثلاً يتضح به الأمر لمن شاءالله:
لو كان لك بستان ربعه برحي، وربعه سكري، وربعه أمهات حمام، وربعه شقر وكان مقداره ثمانية آلاف كيلو من كل نوع ألفان من الكيلوات،وكان الكيلو من البرحي باثني عشر ريالاً، ومن السكري بستة ريالات، ومن أمهات حمام بثلاثة ريالات، ومن الشقر بريالين، فإن قيمة البرحي أربعة وعشرون ألفاً، وقيمة السكري اثنا عشر ألفاً، وقيمة أمهات حمام ستة آلاف ريال، وقيمة الشقر أربعة