فأجاب فضيلته بقوله: قول بعض الناس: إن تقدير نصاب الفضة كان في زمن يتغير عن هذا الوقت بقلة المال، وأنه يجب أن يقدر بما يناسب هذا الوقت.
جوابه: أن هذا قول باطل، فإن الأمور المقدرة بالشرع لا مجال للرأي فيها، ولا تتغير بتغير الزمان والأحوال؛ لأن ذلك يفضي إلى تغير الشرع بتغير الزمان والأحوال، فلا تكون الملة واحدة ولا الأمة متفقة، ويكون لكل عصر شريعة ولكل قوم ملة. ثم إن تقدير أنصباء الزكاة كان في السنة الثانية من الهجرة، وقد كثرت الأموال بعد ذلك في عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعهد الخلفاء الراشدين ومن بعدهم، ولم يغير الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا خلفاؤه الراشدون رضي الله عنهم ولا أئمة المسلمين وعلماؤهم رحمهم الله هذا التقدير من أجل كثرة المال وقلة هذا النصاب بالنسبة لكثرة المال.
ثم إذا قلنا بتغيير هذا التقدير لكثرة المال لزم أن نقول بتغييره أيضاً إذا قل المال.
ثم لو قلنا بتغيير تقدير النصاب بحسب مستوى المعيشة لجاز أن نقول بتغيير تقدير الواجب، فإذا كان الواجب في الذهب والفضة وعروض التجارة ربع العشر في مثل مستوى المعيشة عند تقديره، لزم أن يزيد أو ينقص بحسب حال مستوى المعيشة، فترفع النسبة عند كثرة المستحقين، وتخفض عند قلتهم، وهذا لا يمكن لأحد أن يقول به.
وأما كون نصاب الفضة وهو ما يساوي وزن ستة وخمسين ريالاً قد ارتفعت قيمته بالنسبة للعملة الورقية، فهنا قد نقول بأن