وأما السعي في أعمال مشروعة نافعة لعباد الله تقرباً إلى الله تعالى، ورجاء لوصول الثواب إلى من جعلت له، فهو عمل طيب نافع للحي والميت، إذا خلا من شوائب الغلو والإطراء.
وأما الحديث الذي أشرتم إليه في كتابكم وهو قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له» فهو حديث صحيح رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. والمراد بالصدقة الجارية كل ما ينفع المحتاجين بعد موته نفعاً مستمراً، فيدخل فيه الصدقات التي توزع على الفقراء، والمياه التي يشرب منها، وكتب العلم النافع التي تطبع، أو تشترى وتوزع على المحتاجين إليها، وغير ذلك مما يقرب إلى الله تعالى وينفع العباد.
وهذا الحديث يراد به ما يتصدق به الميت في حياته، أو يوصي به بعد موته، لكن لا يمنع أن يكون من غيره أيضاً كما في حديث عائشة السابق.
وأما الأعمال التطوعية التي ينتفع بها الميت سوى الصدقة فهي كثيرة تشمل كل عمل صالح يتطوع به الولد، ويجعل ثوابه لوالده، أباً كان أم أمًّا، لكن ليس من هدي السلف فعل ذلك كثيراً، وإنما كانوا يدعون لموتاهم، ويستغفرون لهم، فلا ينبغي للمؤمن أن يخرج عن طريقتهم. وفق الله الجميع لما فيه الخير والهدى والصلاح.