إذا غلا الطعام وارتفعت أسعاره، فإن الإنسان يصعب عليه أن يخرج الطعام لكونه غالياً، ولكون سعره رفيعاً.
فلهذا كانت الحكمة بلا شك هي ما قال به رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ويقول بعض الناس: إننا إذا أعطينا الفقير صاعاً من طعام فإنه يبيعه ونحن نراه رأي العين ويبيعه بنصف ثمنه، أو أقل أو أكثر؟
فنقول: نحن ليس علينا من فعل الفقير شيء، بل علينا أن نفعل ما أمرنا به، وأن نقول سمعنا وأطعنا، وأن نبذل الطعام، ثم للفقير الذي ملكه الخيار فيما شاء، فإن شاء أكله، وإن شاء ادخره، وإن شاء باعه، وإن شاء أهداه، وإن شاء دفعه صدقة عن نفسه، فليس علينا من هذا شيء، فالشيء الذي أمرنا به صاعاً من طعام.
وما موقفنا أمام الله عز وجل إذا خالفنا ما فرضه رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهل لنا حجة أن نقول: يا ربنا إننا رأينا أن الدراهم خير، أبداً.
فإن الخير ما اختاره الله لنا، وما اختاره رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لنا.
فيا عباد الله لا نذهب بعيداً في القياس حتى نتجاوز ما فرضه الله علينا، فإن عقولنا متهمة، وإن عقولنا قاصرة، وإن الشرع محكم من عند الله عز وجل، لا يمكن أن يكون فيه خلل، ولا نقص، وإن عقولنا لا تتجاوز نظر ما نحن فيه في هذا العصر.
ولكن علم الله عز وجل المحيط بكل شيء، والذي فرض علينا أن نخرج هذه الصدقة صاعاً من طعام، إنه علم لا نهاية له. فإني أقول ذلك نصحاً لكم، وإقامة للحجة، وإبراءً للذمة، وحتى