رحمهما الله. وإن ذلك هو المروي عن ابن مسعود رضي الله عنه فإنه قال:«من أكل أول النهار فليأكل آخره» . وقلنا: إن الواجب على طالب العلم في مسائل الخلاف الواجب عليه أن ينظر في الأدلة، وأن يأخذ بما ترجح عنده منها، وأن لا يبالي بخلاف أحد مادام أن الدليل معه، لأننا نحن مأمورون باتباع الرسل، لقوله تعالى:{وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَآ أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ} .
وأما الاحتجاج بما صح به الحديث، حيث أمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بصيام عاشوراء في أثناء اليوم، فأمسك الناس بقية يومهم، نقول: لا مستند لهم في هذا الحديث؛ لأن صوم يوم عاشوراء ليس فيه زوال مانع، وإنما فيه تجدد وجوب، وفرق بين زوال المانع وتجدد الوجوب، لأن تجدد الوجوب معناه أن الحكم لم يثبت قبل وجوب سببه، وأما زوال المانع فمعناه أن الحكم ثابت مع المانع لولا هذا المانع ومادام هذا المانع موجوداً مع وجود أسباب الحكم، فمعناه أن هذا المانع لا يمكن أن يصح معه الفعل لوجوده، ونظير هذه المسألة التي أوردها السائل نظيرها ما لو أسلم إنسان في أثناء اليوم، فإن هذا الذي أسلم تجدد له الوجوب، ونظيرها أيضاً ما لو بلغ الصبي في أثناء اليوم وهو مفطر، فإن هذا تجدد له الوجوب فنقول لمن أسلم في أثناء النهار: يجب عليك الإمساك، ولكن لا يجب عليك القضاء، ونقول للصبي إذا بلغ في أثناء النهار: يجب عليك الإمساك، ولا يجب عليك القضاء، بخلاف الحائض إذا طهرت، فإنه بإجماع