«في الأجر سواء " والثاني رجل ذو مال لكنه ينفقه في غير وجوه الخير فقال رجل آخر: لو أن لي مثل مال فلان لعملت فيه مثل عمل فلان فقال رسول الله، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هما في الوزر سواء» فهي إذا جاءت للتمني تكون بحسب ما تمناه العبد إن تمنى خيرًا فهي خير، وإن تمنى سوى ذلك فله ما تمنى.
الوجه الثالث: أن يراد بها التحسر على ما مضى فهذه منهي عنها، لأنها لا تفيد شيئًا وإنما تفتح الأحزان والندم وفي هذه يقول الرسول، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت لكان كذا، فإن لو تفتح عمل الشيطان» . وحقيقة أنه لا فائدة منها في هذا المقام لأن الإنسان عمل ما هو مأمور به من السعي لما ينفعه ولكن القضاء والقدر كان بخلاف ما يريد فكلمة " لو " في هذا المقام إنما تفتح باب الندم والحزن، ولهذا نهى عنها رسول الله، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لأن الإسلام لا يريد من الإنسان أن يكون محزونًا ومهمومًا بل يريد منه أن يكون منشرح الصدر وأن يكون مسرورًا طليق الوجه، ونبه الله المؤمنين لهذه النقطة بقوله:{إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} . وكذلك في الأحلام المكروهة التي يراها النائم في منامه فإن الرسول عليه الصلاة والسلام أرشد المرء إلى أن يتفل عن يساره ثلاث مرات، وأن يستعيذ بالله من شرها ومن شر الشيطان، وأن ينقلب إلى الجنب الآخر،