للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ترجيح شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله واعترض عليَّ القاضي في هذا المجلس، وقال: كيف أن الشيخ ينشر مثل هذا على عامة الناس، كأنه الأحوط أن الاكتحال يفسد الصوم، وتكلم في هذا الموضوع وقال: ومثل قوله: «إن التعزية بدعة مع أن فيها شيئاً من التراحم» فما ردكم على مثل هذا؟

فأجاب فضيلته بقوله: أما مسألة الاكتحال فلابد من بيانها للناس، لأن الاكتحال مما تدعو الحاجة إليه أحياناً.

فإذا قلنا للصائم لا تكتحل، حرمناه مما أحل الله له وهو محتاج إليه، فضيقنا على الناس ما هو واسع.

وأما قوله: إن الاحتياط اتباع هؤلاء. فنقول: ما هو الاحتياط؟ الاحتياط: اتباع ما دلت عليه السنة، ليس الاحتياط الأخذ بالأشد، قد يكون الأخذ بالأيسر هو الاحتياط، فالاحتياط موافقة الشرع، ونحن يلزمنا إذا علمنا من كتاب الله أو سنة رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حكماً أن نبينه للناس {وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} لاسيما في المسائل التي يحتاج الناس إليها.

والكحل يحتاج الناس إليه خصوصاً الذين اعتادوه وصارت أعينهم لا يستقيم نظرها إلا به، فما ظنك برجل يحتاج إلى الكحل أو امرأة، ولكنه نسي حتى طلع الفجر وهو صائم، إن قلنا لا تكتحل تعب في نظره، وإن قلنا: اكتحل وأفطر أفسدنا صومه، وليس هناك دليل، فما الجواب على هذه المسألة وعلى غيرها

<<  <  ج: ص:  >  >>