لآمنوا بمحمد، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإن إيمانهم بمحمد، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إيمان بالمسيح عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام؛ لأن الله تعالى قال:{وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ} ولم يبشرهم المسيح عيسى ابن مريم بمحمد، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إلا من أجل أن يقبلوا ما جاء به لأن البشارة بما لا ينفع لغو من القول لا يمكن أن تأتي من أدنى الناس عقلًا، فضلًا عن أن تكون صدرت من عند أحد الرسل الكرام أولي العزم عيسى ابن مريم، عليه الصلاة والسلام، وهذا الذي بشر به عيسى ابن مريم بني إسرائيل هو محمد، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقوله:{فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ} . وهذا يدل على أن الرسول الذي بشر به قد جاء ولكنهم كفروا به وقالوا: هذا سحر مبين، فإذا كفروا بمحمد، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإن هذا كفر بعيسى ابن مريم الذي بشرهم بمحمد، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وحينئذ لا يصح أن ينتسبوا إليه فيقولوا: إنهم مسيحيون، إذ لو كانوا حقيقة لآمنوا بما بشر به المسيح ابن مريم لأن عيسى ابن مريم وغيره من الرسل قد أخذ الله عليهم العهد والميثاق أن يؤمنوا بمحمد، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كما قال الله - تعالى -: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ} . قال: