للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهل يعقل أن هذا الكون العظيم بهذا النظام البديع يكون خالقًا لنفسه؟ كلا لا يعقل؛ لأنه لا يمكن أن يكون خالقًا لنفسه إذ إن معنى ذلك أنه عدم أوجد موجودًا، ولا يمكن للعدم أن يوجد موجودًا، إذن فيستحيل أن يكون هذا الكون موجدًا لنفسه، ولا يمكن أيضًا أن يكون هذا الكون العظيم وجد صدفة؛ لأنه على نظام بديع مطرد، وما جاء صدفة فالغالب أنه لا يطرد ولا يمكن أن يأتي صدفة لكن على التنزل.

ويذكر عن أبي حنيفة - رحمه الله - وكان معروفًا بالذكاء أنه جاءه قوم دهريون يقولون له: أثبت لنا وجود الله فقال: دعوني أفكر، ثم قال لهم: إني أفكر في سفينة أرست في ميناء دجلة وعليها حمل فنزل الحمل بدون حمال، وانصرفت السفينة بدون قائد، فقالوا: كيف تقول مثل ذلك الكلام فإن ذلك لا يعقل ولا يمكن أن نصدقه؟ فقال: إذا كنتم لا تصدقون بها فكيف تصدقون بهذه الشمس، والقمر، والنجوم، والسماء، والأرض، كيف يمكن أن تصدقوا أنها وجدت بدون موجد؟ !

وقد أشار الله تعالى إلى هذا الدليل العقلي بقوله: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} .

وسئل أعرابي فقيل له: بم عرفت ربك؟ والأعرابي لا يعرف إلا ما كان أمامه فقال: البعرة تدل على البعير، والأثر يدل على المسير، فسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، وبحار ذات أمواج، ألا تدل على السميع البصير؟ بلى.

ثانيًا: الدليل الحسي: فهو ما نشاهده من إجابة الدعاء مثلًا فالإنسان يدعو الله ويقول: يا الله فيجيب الله دعاءه ويكشف سوءه ويحصل

<<  <  ج: ص:  >  >>