سئل أعرابي: بم عرفت ربك؟ قال: بنقض العزائم وصرف الهمم. فالإنسان يعزم أحيانًا على الشيء عزمًا وتصميمًا أكيدًا وفي لحظة يجد نفسه قد عزم على تركه ونقض العزم، وقد يهم الإنسان بالشيء متجهًا إليه ثم ينصرف بدون سبب، وهذا يدل على أن للأشياء مدبرًا فوق تدبيرك أنت، وهو الله - عز وجل -.
فإن قال قائل: كيف تقول: إن الله منفرد بالخلق، مع أنه أثبت الخلق للمخلوق وسمى المخلوق خالقًا. قال سبحانه:{ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} وفي الحديث عن النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «يقال للمصورين: " أحيوا ما خلقتم» ؟ .
فالجواب: أن خلق الإنسان ليس خلقًا في الحقيقة؛ لأن الخلق هو الإيجاد من العدم، والإنسان عندما يخلق لا يوجد من عدم، لكن يغير الشيء من صورة إلى صورة أخرى.
وكذلك (الملك) فإن قال قائل: كيف تقول: إن الله منفرد بالملك مع أن الله سبحانه أثبت الملك لغيره فقال: {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} وقال: {أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ} ؟ .
فالجواب: أن يقال: إن ملك الإنسان ليس كملك الله؛ لأن ملك الله - عز وجل - شامل لكل شيء، ولأن ملك الله تعالى ملك مطلق غير مقيد، أما ملك الإنسان للشيء فهو غير شامل، فمثلًا الساعة التي معي لا تملكها أنت\ والساعة التي معك لا أملكها أنا، فهو ملك محدود ليس