قال بعض السلف - رحمهم الله -: إذا قرأت هذه الآية: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} فلا تقف عليها فصلها بما بعدها: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} ليتميز الفرقان المبين بين الخالق والمخلوق، وليعرف كمال الله - عز وجل - ونقص ما سواه.
لكن لو قال لنا قائل: مما وصف الله به نفسه أن له وجهًا كما قال سبحانه: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} وأنا لا أعقل من الوجه إلا مثل وجه المخلوق فيلزم من إثبات الوجه لله التمثيل؛ لأن القرآن عربيٌّ، والوجه هو ما يتعارف بين الناس وأكمل الوجوه وجوه البشر، فوجه الله كوجه الإنسان مثلًا فماذا نقول له؟
نقول له: إن هذا الفهم فهم خاطئ؛ لأن الوجه مضاف إلى الله، والمضاف بحسب المضاف إليه، فوجه الله يليق بالله، ووجه الإنسان يليق بالإنسان، ونقول له أيضًا: أنت لك وجه، والأسد له وجه، والهر له وجه، فإذا قلنا: وجه الإنسان، ووجه الأسد، ووجه الهر، فهل يلزم من ذلك التماثل؟ ! فلا أحد يقول: إن وجهه يماثل وجه الهر، أو الأسد أبدًا.
إذن نعرف من هذا أن الوجه بحسب ما يضاف إليه، فإثباتنا لصفات الله - عز وجل - لا يستلزم أبدًا المماثلة بين الخالق والمخلوق بدليل السمع وبدليل العقل.
الثاني: التكييف: أي إن صفات الله - عز وجل - لا تكيف تقديرًا بالجنان ولا نطقًا باللسان، ودليل ذلك سمعي وعقليٌّ أيضًا.