للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} واستدلوا كذلك بأن ما سبق من الشرائع لولا أن فيه فائدة لكان ذكره نوعًا من العبث، والراجح: أننا نعمل به.

مثال ما يخالف شريعتنا كقوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ} .

فاليهود حرم الله عليهم كل ذي ظفر مثل الإبل، وكذلك كل ذي رجل غير مشقوقة أي ما لها أصابع ولا فرق بعضها من بعض فهو حرام عليهم، ومن البقر والغنم حرم الله عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما، أو الحوايا أو ما اختلط بعظم. فهذا منسوخ بشريعتنا، فإن الله تعالى قد أحل لنا ذلك.

وأما مثال ما وافق شريعتنا فكثير مثل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} ومثل قوله تعالى الذي أشرنا إليه سابقًا: {أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} وأمثلة ذلك كثيرة.

وأما ما لم يرد شرعنا بخلافه فمثاله الأخذ بقرينة الحال: كحكم سليمان بين المرأتين المتنازعتين، حيث دعا بالسكين ليشقه بينهما فوافقت إحداهما وامتنعت الأخرى فحكم به للتي امتنعت مع أنها هي الصغرى؛ لأن امتناعها دليل على أنها أمه، وهذا لم يرد مثله في شرعنا بعينه، وإن كان قد

<<  <  ج: ص:  >  >>