للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- في قبورهم فما من إنسان يموت سواء دفن في الأرض، أو رمي في البر، أو أكلته السباع، أو ذرته الرياح، إلا ويفتن هذه الفتنة فيسأل عن ثلاثة أمور: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ .

فأما المؤمن فيقول: ربي الله - جعلنا الله منهم - وديني الإسلام، ونبيي محمد، فينادي مناد من السماء أن صدق عبدي، وحينئذ يفسح له في قبره مد البصر، ويفرش له فراش من الجنة، ويفتح له باب إلى الجنة فيأتيه من روحها ونعيمها، وهذه الحال بلا شك أكمل من حال الدنيا.

أما إذا كان كافرًا أو منافقًا فإنه إذا سئل من ربك؟ ما دينك؟ ومن نبيك؟ فيقول: هاه هاه لا أدري سمعت الناس يقولون شيئًا فقلته.

وتأمل ماذا تدل عليه كلمة " هاه هاه "؟ فإنها تدل على أن هذا المجيب كأنه يتذكر شيئًا يبحث عنه ولكن يعجز عن استحضاره، وكون الإنسان يتذكر شيئًا ويعجز عن استحضاره أشد ألمًا من كونه لا يدري عنه بالكلية، فلو سئلت عن شيء وأنت لا تعلم عنه فقلت: لا أدري. فهذا نقص بلا شك، لكن لا يوجب حسرة، لكن لو أنت سئلت عن شيء وكنت تعلمه ثم عجزت عنه فإن ذلك حسرة، ولهذا يقول: " هاه هاه " كأنه يتذكر شيئًا " لا أدري سمعت الناس يقولون شيئًا فقلته "، فيضرب بمرزبة من حديد فيصيح صيحة يسمعها كل شيء إلا الثقلين - (الإنس والجن) -، ولو سمعها لصعق، وقد ورد في صفة هذه المرزبة أنه لو اجتمع عليها أهل منى ما أقلوها - والعياذ بالله -.

هذه الفتنة يجب الإيمان بها؛ لأن الإيمان بها من الإيمان باليوم الآخر فإن قلت: كيف يكون الإيمان بها من الإيمان باليوم الآخر وهي في الدنيا؟ فالجواب: أن الإنسان إذا مات فقد قامت قيامته.

<<  <  ج: ص:  >  >>