بعيرهم , فخرج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه في ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا على فرسين وسبعين بعيرا يعتقبونها , منهم سبعون رجلا من المهاجرين , والباقون من الأنصار , يقصدون العير لا يريدون الحرب، ولكن الله جمع بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد، ليقضي الله أمرا كان مفعولا ويتم ما أراد، فإن أبا سفيان علم بهم فبعث صارخا إلى قريش يستنجدهم ليحموا عيرهم وترك الطريق المعتادة وسلك ساحل البحر فنجا.
أما قريش فإنهم لما جاءهم الصارخ خرجوا بأشرافهم عن بكرة أبيهم في نحو ألف رجل معهم مائة فرس وسبعمائة بعير {بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَاللهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ}[الأنفال: ٤٧] ، ومعهم القيان يغنين بهجاء المسلمين، فلما علم أبو سفيان بخروجهم بعث إليهم يخبرهم بنجاته ويشير عليهم بالرجوع وعدم الحرب، فأبوا ذلك وقال أبو جهل: والله لا نرجع حتى نبلغ بدرا ونقيم فيه ثلاثا، ننحر الْجَزور، ونطعم الطعام , ونسقي الخمر , وتسمع بنا العرب فلا يزالون يهابوننا أبدا.
أما رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإنه لما علم بخروج قريش جمع من معه من الصحابة فاستشارهم وقال:" إن الله قد وعدني إحدى الطائفتين: إما العير أو الجيش "، فقام المقداد بن الأسود وكان من المهاجرين وقال: يا رسول الله امض لما أمرك الله عز وجل فوالله لا نقول كما قالت بنو إسرائيل لموسى: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا