بدر خبيث مُخبث، وكان إذا ظهر على قوم أقام بالعَرْصة ثلاث ليال، فلما كان ببدر اليوم الثالث أمر براحلته فشُدَّ عليها ثم مشى واتبعه أصحابه حتى قام على شَفَة الرَّكِي فجعل يُناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم:" يا فلان بن فلان، ويا فلان بن فلان، أَيَسُرُّكم أنكم أطعتم الله
ورسوله , فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا؟ " قال عمر: يا رسول الله ما تكلم من أجساد لا أرواح لها؟ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" والذي نفس محمد بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ".
وأما الأسرى فإن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استشار الصحابة فيهم , وكان سعد بن معاذ قد ساءه أمرهم وقال: كانت أول وقعة أوقعها الله في المشركين وكان الإثخان في الحرب أحب إلي من استبقاء الرجال. وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أرى أن تمكننا فنضرب أعناقهم، فتمكن عليا من عقيل فيضرب عنقه , وتمكنني من فلان - يعني قريبا له - فأضرب عنقه , فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها.
وقال أبو بكر رضي الله عنه: هم بنو العم والعشيرة وأرى أن تأخذ منهم فدية فتكون لنا قوة على الكفار , فعسى الله أن يهديهم للإسلام، فأخذ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الفدية، فكان أكثرهم يفتدي بالمال من أربعة آلاف درهم إلى ألف درهم، ومنهم من افتدى بتعليم صبيان أهل المدينة الكتابة والقراءة، ومنهم من كان فداؤه إطلاق مأسور عند قريش من المسلمين , ومنهم من قتله النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صبرا لشدة