للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التورية ظاهرها الحقيقة والمراد خلاف الظاهر فمن أجل هذا تشبه الكذب من بعض الوجوه، ولكمال أدب إبراهيم، عليه الصلاة والسلام، مع الله هاب أن يشفع وقد كذب هذه الكذبات في ذات الله - عز وجل -.

فيأتون إلى موسى بعد ذلك، فيعتذر بأنه قتل نفسًا لم يؤمر بقتلها، والنفس التي قد أشار إلى أنه قتلها بغير حق: أنه خرج عليه الصلاة والسلام، فوجد رجلين يقتتلان هذا من شيعته، وهذا من عدوه، أحدهما من بني إسرائيل، والثاني من الأقباط، فاستغاثه الذي من شيعته - وهو الإسرائيلي - على الذي من عدوه وهو القبطي، وكان موسى عليه الصلاة والسلام رجلًا شديدًا، فوكز القبطي، فقضى عليه، فهذه هي النفس التي قتلها قبل أن يؤمر بقتلها، وهذا جعله يعتذر عن الشفاعة للناس.

ثم يأتون إلي عيسى، عليه الصلاة والسلام - وهو الذي ليس بينه وبين النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رسول - فلا يعتذر، لكنه يعترف بفضل النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يقول لهم: اذهبوا إلي محمد عبد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فيأتون إلى النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فيطلبون منه الشفاعة، فيشفع إلى - عز وجل-، فينزل الله -عز وجل - للقضاء بين العباد، وهذه الشفاعة تسمى العظمى، وهي من المقام المحمود الذي قال الله فيه: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} . فيشفع النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إلى الله فينزل الله - تعالى - للقضاء بين عباده ويريحهم من هذا الموقف.

ثانيًا: من الشفاعة الخاصة بالرسول، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أن يشفع لأهل الجنة أن يدخلوا الجنة، فأهل الجنة إذا عبروا الصراط ووصلوا إلى باب الجنة وجدوه

<<  <  ج: ص:  >  >>