للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أرى رؤياكم قد تواطأت (يعني اتفقت) في السبع الأواخر، فمن كان مُتَحَرِّيهَا فَلْيَتَحَرَّهَا في السبع الأواخر» (١) ، ولمسلم عنه: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «التمسوها في العشر الأواخر (يعني ليلة القدر) ، فإن ضعف أحدكم أو عجز فلا يُغْلَبَنَّ على السبع البواقي، وأقرب أوتار السبع الأواخر ليلة سبع وعشرين لحديث أُبَيِّ بن كعب رضي الله عنه أنه قال: والله إني لأعلم أي ليلة هي، هي الليلة التي أمرنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقيامها، هي ليلة سبع وعشرين» (٢) ، ولا تختص ليلة القدر بليلة معينة في جميع الأعوام، بل تتنقل فتكون في عام ليلة سبع وعشرين مثلا، وفي عام آخر

ليلة خمس وعشرين تبعا لمشيئة الله وحكمته , ويدل على ذلك قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «التمسوها في تاسعة تبقى في سابعة تبقى في خامسة تبقى» (٣) ، قال في فتح الباري: أرجح الأقوال أنها في وتر من العشر الأخير، وأنها تنتقل اهـ.

وقد أخفى سبحانه علمها على العباد رحمة بهم؛ ليكثر عملهم في طلبها في تلك الليالي الفاضلة بالصلاة والذكر والدعاء فيزدادوا قربة من الله وثوابا، وأخفاها اختبارا لهم أيضا ليتبين بذلك من كان جادا في طلبها حريصا عليها ممن كان كسلان متهاونا، فإن من حرص على شيء جد في طلبه وهان عليه التعب في سبيل الوصول إليه والظفر به , وربما يُظْهِر الله علمها لبعض العباد بأمارات وعلامات يراها كما رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علامتها أنه يسجد في صبيحتها في ماء وطين، فنزل المطر في تلك الليلة فسجد في صلاة الصبح في ماء وطين.


(١) متفق عليه.
(٢) رواه مسلم.
(٣) رواه البخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>