للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القائل: كيف يعمل الإنسان بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، ثم يخذل - والعياذ بالله - فيعمل بعمل أهل النار؟ لكن هناك ولله الحمد نصوصًا أخرى، تفرج عن المؤمن كربته فيما يتعلق بهذا الحديث، من ذلك: قال النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار قالوا: يا رسول الله أفلا تنكل على الكتاب وندع العمل؟ قال: اعملوا فكل ميسر لما خلق الله له، فأما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة "، ثم تلا قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} . إذن هذه بشارة من الرسول، عليه الصلاة والسلام، للإنسان أنه إذا عمل بعمل أهل السعادة فهو دليل على أنه كتب من أهل السعادة فليستبشر.

وروى البخاري - رحمه الله - في صحيحه «أن النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كان في غزاة، وكان معهم رجل شجاع مقدام، فقال النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ذات يوم: " إن هذا من أهل النار " مع شجاعته وإقدامه، فعظم ذلك على الصحابة وشق عليهم، فقال أحد الصحابة: والله لألزمن هذا، فلزمه فأصاب هذا الرجل الشجاع سهم من العدو فغضب، ثم وضع سيفه على صدره واتكأ عليه، حتى خرج من ظهره، فقتل نفسه، فجاء الرجل إلى النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال له: أشهد أنك رسول قال: وماذا؟ قال: إن الرجل الذي قلت لنا إنَّه من أهل النار فعل كيت وكيت، ثم قال رسول الله، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن الرجل يعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار» . أسأل الله أن يخلص سريرتي وسرائركم، فالسريرة لها شأن عظيم في توجيه الإنسان، فالقلب هو الموجه للإنسان، وهو الأصل، لذلك يجب أن نلاحظ القلوب،

<<  <  ج: ص:  >  >>