وبهذه المناسبة أحب أن أقول: إنه في مثل المواسم التي يكثر فيها الزحام، ويشق فيها الإحرام على الصغار، ومراعاة إتمام مناسكهم، فالأولى ألا يحرموا لا بحج لا بعمرة، أعني هؤلاء الصغار، لأنه يكون فيه مشقة عليهم وعلى أولياء أمورهم، وربما شغلوهم عن إتمام نسكهم، أي ربما شغل الأولاد آباءهم، أو أمهاتهم عن إتمام نسكهم، فبقوا في حرج، وما دام الحج لم يجب عليهم، فإنهم في سعة من أمرهم.
الشرط الرابع: الحرية، فالرقيق المملوك لا يجب عليه الحج، لأنه مملوك مشغولٌ بسيده، فهو معذور بترك الحج، لا يستطيع السبيل إليه.
الشرط الخامس: القدرة على الحج بالمال والبدن، فإن كان الإنسان قادراً بماله دون بدنه، فإنه ينيب من يحج عنه، لحديث ابن عباس- رضي الله عنهما- أن امرأة خثعمية سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله، إن أبي أدركته فريضة الله على عباده في الحج، شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة، أفأحجُّ عنه؟ قال:"نعم "(١) وذلك في حجة الوداع، ففي قولها: أدركته فريضة الله
على عباده في الحج، وإقرار النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك، دليل على أن من كان قادراً بماله دون بدنه، فإنه يجب عليه أن يقيم من يحج عنه، أما إن كان قادراً ببدنه دون ماله، ولا يستطيع الوصول إلى مكة ببدنه، فإن الحج لا يجب عليه.
(١) أخرجه البخاري، كتاب الحج، باب وجوب الحج وفضله (رقم ١٥١٣) ، ومسلم، كتاب الحج، باب الحج عن العاجز (رقم ١٣٣٤) .