للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقولون: من حج فليترك المجال لغيره، مع أننا نعلم أن الله عز وجل أمرنا بالتزود، فهل قول الناس بأن من حج يترك المجال لغيره، صحيح؟ وإذا كان الإنسان إذا ذهب إلى الحج ربما نفع الله به عدداً كبيراً، سواء ممن يقدم إلى هذه البلاد أو من يصاحبهم من بلاده هو، فما تقولون وفقكم الله؟

فأجاب فضيلته بقوله-: هذا القول ليس بصحيح، أعني القول بأن من حج فرضه فليترك المجال لغيره، لأن النصوص دالة على فضيلة الحج، وقد روي محن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "تابعوا بين الحج والعمرة: فإنهما ينفيان الفقر والذنوب، كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة" (١) والإنسان العاقل يمكن أن يذهب إلى الحج ولا يؤذي ولا يتأذى إذا كان يعامل الناس بالرفق فإذا وجد مجالاً فسيحاً فعل ما يقدر عليه من الطاعة، وإذا كان المكان ضيقاً عامل نفسه وغيره بما يقتضيه هذا الضيق، ولهذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - حين دفع من عرفة يأمر الناس بالسكينة، وشنق لناقته الزمام يعنى جذبه حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله من شدة

جذبه للزمام، لكنه إذا وجد فجوة نصّ (٢) . قال العلماء: يعني إذا وجد متسعًا أسرع، فدل هذا على أن الحاج ينبغي له أن يتعامل مع الحالة التي هو عليها، فإذا وجد الضيق فليتأن في مشيه وليرفق

بالناس وبهذا لا يتأذى ولا يؤذي، فهذا الذي نراه في هذه


(١) أخرجه الإمام أحمد (١/٣٨٧) والترمذي، كتاب الحج، باب ما جاء في ثواب الحج والعمرة (رقم ٨١٠) وقال: حديث حسن غريب صحيح.
(٢) أخرجه البخاري، كتاب الحج، باب السير إذا دفع من عرفة (رقم ١٦٦٦) ومسلم، كتاب الحج، باب الإفاضة من عرفات إلى مزدلفة ... (رقم ١٢٨٦) (٢٨٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>