للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الخامس: هل الإنسان مسير أم مخير؟

شاعت كلمة بين الناس في هذا الزمن المتأخر وهي قولة: هل الإنسان مسير أم مخير؟

الأفعال التي يفعلها الإنسان يكون مخيرا، فالإنسان مخير، فبإمكانه أن يأكل، ويشرب، ولهذا بعض الناس إذا سمع أذان الفجر قام إلى الماء ليشرب، وذلك باختياره، وكذلك إذا جاء الإنسان النوم فإنه يذهب إلى فراشه لينام باختياره، وإذا سمع أذان المغرب، والتمر أمامه والماء، فإنه يأكل باختياره، وهكذا جميع الأفعال تجد أن الإنسان فيها مخير، ولولا ذلك لكان عقوبة العاصي ظلما، فكيف يعاقب الإنسان على شيء ليس فيه اختيار له، ولولا ذلك لكان ثواب المطيع عبثا، فكيف يثاب الإنسان على شيء لا اختيار له فيه؟ ! وهل هذا إلا من باب العبث؟

إذن فالإنسان مخير، ولكن ما يقع من فعل منه فهو بتقدير الله؛ لأن هناك سلطة فوق سلطته ولكن الله لا يجبره، فله الخيار ويفعل باختياره.

ولهذا إذا وقع الفعل من غير إرادة من الإنسان لا ينسب إليه، قال تعالى في أصحاب الكهف: {وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ} ، فنسب الفعل نقلبهم إليه سبحانه؛ لأن هؤلاء نوم فلا اختيار لهم، وقال النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه» . فنسب الإطعام والسقي إلى الله؛ لأن الناسي ما فعل الشيء باختياره فلم يختر أن يفسد صومه بالأكل والشرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>