فنسأل: هل أمك كان عندها مال يمكنها أن تحج به، إذا لم يكن عندها مال يمكنها أن تحج به فليس عليها حج، فالذي ليس عنده مال يحج به ليس عليه حج، كالفقير الذي ليس عنده مال، ليس
عليه زكاة، وقد ظن بعض الناس أن الحج فريضة على كل حال، ورأوا أن الإنسان إذا مات ولم يحج أن الحج باق في ذمته فريضة، وهذا ظن خطأ. فالفقير لا حج عليه ولو ما لا نقول: إنه مات
وترك فريضة، كما أن الفقير لو مات لا نقول: إنه مات ولم يزك.
بل نقول: من ليس عنده مال فلا زكاة عليه، فنحن نسأل أولا: هل أمك كانت قادرة على الحج ولم تحج حتى ماتت، أو أنها عاجزة ليس عندها مال، فالحج ليس فريضة عليها، وحينئذ لا تكن في قلق، ولا تكن منزعجاً من ذلك، لأنها ماتت، وكأنها حجت ما دامت لا تستطيع الحج.
وعلى الاحتمال الأول أن عندها مالاً تستطيع أن تحج به، ولكنها لم تحج فيحج عنها من تركتها، لأن ذلك دين عليها، وإذا لم يمكن كما هو ظاهر السؤال فإنه لا يحل لك أن تحج عنها حتى تحج عن نفسك، لحديث ابن عباس- رضي الله عنهما- أن رجلاً كان يقول: لبيك عن شبرمة. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من شبرمة؟ " قال: أخ لي، أو قريب لي، قال له:"أحججت عن نفسك؟ " قال: لا.
قال:"حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة" ولأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: "ابدأ بنفسك " فلا يحل أن تحج عن أمك حتى تؤدي الفريضة عن نفسك، تم إذا أديت الفريضة عن نفسك، فإن كنت في حاجة شديدة إلى النكاح فقدم النكاح، لأن النكاح