فأجاب فضيلته بقوله: معنى هذا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقت مواقيت الحج والعمرة المكانية، فوقت لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل اليمن يلملم، ولأهل نجد قرن المنازل، وقال:"هنّ لهنّ " أي هذه المواقيت لأهل هذه البلاد، "ولمن مر عليهنّ من غير أهلهنَّ " فأهل المدينة يحرمون من ذي الحليفة إذا أرادوا الحج أو العمرة، وإذا مر أحد من أهل نجد عن طريق
المدينة أحرم من ذي الحليفة؛ لأنه مر بالميقات، وكذلك إذا مرَّ أحد من أهل الشام عن طريق المدينة فإنه يحرم من ذي الحليفة لأنه مر بها، وكذلك لو أن أحداً من أهل المدينة جاء من قبل نجد ومر
بقرن المنازل فإنه يحرم منه، هذا معنى قوله:"ولمن مر عليهن من غير أهلهن " ومن تأمل هذه المواقيت تبين له فيها فائدتان: الفائدة الأولى: رحمة الله سبحانه وتعالى بعباده حيثما جعل لكل ناحية ميقات عن طريقهم حتى لا يصعب عليهم أن يجتمع الناس من كل ناحية في ميقات واحد.
والفائدة الثانية: أن تعيين هذه المواقيت من قبل أن تفتح هذه البلاد فيه آية للنبي - صلى الله عليه وسلم - حيث إن ذلك يستلزم أن هذه البلاد ستفتح وأنها سيقدم منها قوم يأمون هذا البيت للحج والعمرة، ولهذا قال ابن عبد القوي في منظومته الدالية المشهورة: وتوقيتها من معجزات نبينا بتعيينها من قبل فتح معدد فصلوات الله وسلامه عليه.