للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:
فهرس الكتاب باب المواقيت س ٣٥٥: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل يقول: قدمت من خارج المملكة قاصدا العمرة، وقبل وصولي إلى مطار جدة غيرت ملابسي للإحرام في الطائرة، وكان في الطائرة شيخ أعرفه يعتمد عليه في العلم، ولما سألته قال لي: بإمكاننا الإحرام من مطار جدة فتمسكت برأيه وأحرمت من المطار، وبعدما قضيت العمرة ذهبت للمدينة المنورة حيث مكثت هناك شهري شوال وذي القعدة، وسألت بعض من أثق بعلمهم من أصدقائي هل أنا متمتع بهذه الحالة حيث قد وافق إحرامي بالعمرة الأول من شوال، وهل يلزمني دم، إذ قد سمعت وتأكدت من أفواه العلماء أن مطار جدة لا يصح أن يكون ميقاتا لمن يمر عليه، وأفتاني بأن التمتع قد زال بمغادرة الحرم المكي. مع أنني لم أقصد التمتع عندما أحرمت بالعمرة، وأنه يمكنني الآن أن أحرم بالحج كما يحرم المقيم بالمدينة المنورة فأحرمت بالحج مفردا، وأما تجاوز الميقات فقال لي: ليس عليك شيء لأنك جاهل وقد اقتديت برأي هذا الشيخ واطمأننت بذلك، وأديت مناسك حجي، ولكن بعض زملائي لا يزالون يشككونني ويناقشوني بأنه كان يلزمني الدم بأحد الأمرين أرجو أن تزيلوا عني هذا الشك بإجابة شافية ونصيحة كافية جزاكم الله خيرا.

أفتاه، أما هو فلا يلزمه شيء؛ لأنه أتى بما أوجب الله عليه.

وأما الثاني وهو أنك ذكرت أنك لم تنو التمتع وسافرت إلى المدينة وأحرمت بالحج من ذي الحليفة أي من أبيار علي فإنه يجب أن تعلم أن من قدم إلى مكة في أشهر الحج وهو يريد أن يحج فأتى بالعمرة قبل الحج فإنه متمتع؛ لأن هذا هو معنى التمتع فإن الله تعالى يقول: (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) (١) ومعنى ذلك أن الإنسان إذا قدم مكة في أشهر الحج وكان يريده

فإن المفروض أن يحرم بالحج ويبقى على إحرامه إلى يوم العيد، فإذا أتى بعمرة وتحلل منها صدق عليه أنه تمتع بها- أي بسببها أي العمرة- إلى الحج أي إلى أن أتى وقت الحج، ومعنى تمتع بها أنه

تمتع بما أحل الله له، حيث تحلل من عمرته فأصبح حلالاً الحل كله يتمتع بكل محظورات الإحرام وهذا من نعمة الله سبحانه وتعالى أنه خفف عن العبد حتى أباح له أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج ليتحلل منها، ويتمتع بما أحل الله له إلى أن يأتي وقت الحج، وعلى هذا فما دمت قادما من بلادك وأنت تريد الحج وأحرمت بالعمرة في أشهر الحج فأنت متمتع سواء نويت أنك متمتع أم لم تنوه؛ لأن هذا الذي فعلته هو التمتع.

بقي أن يقال: هل سفرك إلى المدينة مسقط للهدي عنك أم لا؟ هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم، فمن العلماء من يرى أن الإنسان إذا سافر بين العمرة والحج مسافة قصر انقطع تمتعه


(١) سورة البقرة، الآية: ١٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>