والمسجد الأقصى" (١) فالذي ينبغي لقاصد المدينة أن ينوي بشد الرحل للمسجد النبوي فيصلي فيه، فإن الصلاة فيه خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام يعنى مسجد الكعبة، هذه
ملاحظة ينبغي الاهتمام بها.
أما ما صنعه من كونه حج متمتعاً ثم أدى العمرة تامة، ثم خرج إلى المدينة بنية الرجوع إلى مكة للحج، ثم رجع إلى مكة ولم يحرم إلا يوم التروية مع الناس فلا أرى في ذلك بأسًا عليه؛ لأنه إنما مر بميقات أهل المدينة قاصداً مكة التي هي محط رحله، والتي لا ينوي الإحرام إلا منها لكونه متمتعاً بالعمرة إلى الحج.
ولكن هنا سؤال: هل يسقط عنه هدي التمتع لفصله بين العمرة والحج بسفر أو لا يسقط؟
في هذا خلاف ين أهل العلم- رحمهم الله- والراجح من أقوال أهل العلم أن دم الهدي لا يسقط عنه إذا لم يكن من أهل المدينة، فإن كان من أهل المدينة سقط عنه، لكنه إذا كان من أهل المدينة فلا يتجاوز الميقات حتى يحرم منه؛ لأنه أنشأ سمرًا جديداً للحج، وأما إذا لم يكن من أهل المدينة فإن التمتع لم ينقطع لكون السفر واحداً، ويبقى عليه الهدي كما لو لم يسافر إلى المدينة، وهذا هو المروي عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- أن المتمتع إذا رجع إلى بلده ثم أنشأ سفراً جديداً للحج فإنه غير متمتع، وإن سافر إلى غير بلده فإنه لا يزال متمتعاً.
(١) أخرجه البخاري، كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة (رقم ١١٨٩) ومسلم، كتاب الحج، باب لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد (رقم ١٣٩٧) .