فأجاب فضيلته بقوله: كل ما فعلته والدة السائلة عن جهل من المحظورات فليس عليها إثم ولا فدية، فمشط رأسها لا يضرها، وانتقابها لا يضرها لأنها كانت في ذلك جاهلة وبقية أركان الحج وهي حائض لا يضرها الحيض شيئاً، ولم يبق عندنا إلا طواف الإفاضة وقد طافت كما في السؤال قبل أن تطهر من الحيض، وحينئذ يجب عليها الآن أن تسافر إلى مكة لأداء طواف الإفاضة، ولا يحل لزوجها أن يقربها حتى تطوف طواف الإفاضة ولكن ينبغي أن تحرم بالعمرة من الميقات وتطوف وتسعى وتقصر للعمرة، ثم بعد هذا تطوف طواف الإفاضة، وإنما قلنا ذلك: لأنها مرت بالميقات وهي تريد أن تكمل الحج، فالأفضل والأولى لها أن تحرم بالعمرة وتتم العمرة، ثم تطوف طواف الإفاضة، ثم
ترجع إلى بلدها، فإن رجعت من حين أن طافت طواف الإفاضة فهو كان عن الوداع إلا أن بقيت بعده في مكة فلا تخرج حتى تطوف للوداع.
والواجب على الإنسان ألا يقوم بعبادة ولا سيما الحج الذي لا يكون إلا نادراً في حياة الإنسان حتى يعرف ما يجب في هذه العبادة، وما يمتنع فيها، وينبغي أن يعرف أيضاً ما يسن فيها، وما يكره، وأما كونه يمشي بدون هدى فهذا على خطر عظيم، وإذا كان الإنسان لو أراد السفر إلى بلد من البلدان لن يسافر إلا وقد عرف الطريق، فكيف بالسفر إلى الآخرة كيف يخاطر ويمشي في طريق إلى الله؟ ثم إن من الناس من يبقى مدة بعد فعل العبادة ثم يسأل بعد ذلك، وهذا قد يكون معذوراً من جهة أنه لم يخطر بباله